شهد العام الجاري 2025 مسارًا صعوديًا قياسيًا للمعدن الأصفر، إذ لامس حاجز 4300 دولار للأوقية في أكتوبر قبل أن يعود للانكماش نحو 4000 دولار مع دخول الخريف، لكن هذا التذبذب لم يُضعف آفاق المعدن بقدر ما أثار نقاشًا محتدمًا حول إمكانية اقتحام مستوى 5000 دولار خلال النصف الأول من 2026. هذا الزخم الصعودي المستمر يعكس تحولًا جوهريًا في نظرة المستثمرين العالميين تجاه الذهب، حيث لم يعد يُنظر إليه كأداة مضاربة عابرة، بل كملجأ استراتيجي في عالم مليء بالتقلبات والمخاطر.
العوامل الاقتصادية الكبرى والطلب المتنامي
بلغ متوسط سعر الذهب في 2025 حوالي 3455 دولار للأوقية، ويعود الفضل في هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى تصاعد الطلب الاستثماري، الذي وصل إلى مستويات قياسية لم تُسجل منذ سنوات. أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن إجمالي الطلب في الربع الثاني وحده بلغ 1249 طنًا، بزيادة 3% سنويًا، فيما ارتفعت القيمة الإجمالية إلى 132 مليار دولار بقفزة 45%.
صناديق الذهب المتداولة في البورصة شهدت تدفقات رأسمالية ضخمة، حيث ارتفعت الأصول المُدارة إلى 472 مليار دولار والحيازات إلى 3838 طن، بما يقترب من الذروة التاريخية عند 3929 طن. هذا التوافد المؤسسي يعكس تحولًا في خريطة الاستثمارات، خاصة مع دخول نحو 28% من المستثمرين الجدد في الأسواق المتقدمة الذهب لأول مرة في محافظهم الاستثمارية.
ضيق العرض وارتفاع التكاليف الإنتاجية
على الجانب الآخر، لم يواكب الإنتاج الفعلي هذا الطلب المتصاعد. وصلت إنتاجية المناجم في الربع الأول من 2025 إلى 856 طنًا بزيادة طفيفة 1% فقط على أساس سنوي، الأمر الذي عمّق فجوة العرض والطلب، خاصة مع تراجع الذهب المعاد تدويره بنسبة 1%، حيث فضّل الحاملون الاحتفاظ بممتلكاتهم توقعًا لمزيد من الارتفاع.
تضاف إلى هذا التحديات التشغيلية الصعبة التي تواجه قطاع التعدين العالمي، فقد ارتفع متوسط تكلفة الاستخراج إلى نحو 1470 دولارًا للأوقية بحسب تقرير فيتش سوليوشنز، وهو أعلى مستوى منذ عقد كامل، مما يعني أن التوسع في الإنتاج سيظل محدودًا ومكلفًا، وهذا يدعم احتمالية استمرار الصعود السعري في 2026.
البنوك المركزية: المشتري الاستراتيجي الأكبر
يمثل شراء البنوك المركزية العامل الأساسي الذي يدعم أسعار الذهب بشكل مستمر. أضافت هذه البنوك 244 طنًا خلال الربع الأول من 2025 وحده، بزيادة 24% عن المتوسط الفصلي للسنوات الخمس السابقة. ما هو أكثر أهمية أن 44% من البنوك المركزية العالمية تدير الآن احتياطيات ذهبية، مقارنة بـ 37% قبل عام، وهو مؤشر على توجه عالمي متزايد نحو تنويع الأصول الاحتياطية بعيدًا عن الدولار.
قادت الصين وتركيا والهند هذا الاتجاه، حيث أضاف بنك الشعب الصيني وحده 65 طنًا وواصل هذا الشراء للشهر الثاني والعشرين على التوالي، بينما ارتفعت احتياطيات تركيا إلى 600 طن. يتوقع المحللون أن تبقى هذه المشتريات المركزية الدافع الأساسي للطلب حتى نهاية 2026، خاصة في الأسواق الناشئة التي تسعى لحماية عملاتها المحلية.
السياسات النقدية والفائدة الأمريكية
خفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر 2025 ليصل إلى النطاق 3.75-4.00%، وهو الخفض الثاني منذ ديسمبر 2024. يشير التوجيه المرافق إلى احتمالية تخفيضات إضافية إذا ضعفت سوق العمل أو تباطأ النمو الاقتصادي.
تسعّر الأسواق حاليًا خفضًا جديدًا بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر 2025، وهو ما يعني ثلاث خفضات كاملة منذ بداية العام. توقعات بلاك روك تشير إلى أن الفيدرالي قد يستهدف معدل فائدة 3.4% بحلول نهاية 2026 في السيناريو المعتدل، وهذا التراجع في الفائدة الحقيقية يُقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في الذهب الذي لا يدرّ عوائد، مما يعزز جاذبيته.
الديون السيادية والضغوط التضخمية المستمرة
تجاوز الدين العام العالمي حاجز 100% من الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لصندوق النقد الدولي، وهو ما أثار مخاوف عميقة حول استدامة السياسات المالية، وبالتالي دفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن يحمي من تآكل القوة الشرائية. قدّر البنك الدولي في تحليله أن ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 35% خلال 2025 قد يشهد تراجعًا في 2026 مع انحسار الضغوط التضخمية، إلا أن الأسعار ستبقى مرتفعة تاريخيًا.
أظهرت بيانات بلومبرغ إيكونوميكس أن نحو 42% من صناديق التحوط الكبرى عزّزت مراكزها في الذهب خلال الربع الثالث من 2025، مما يعكس اعترافًا واسعًا بدور المعدن في حماية المحافظ من المخاطر المالية طويلة الأمد.
التوترات الجيوسياسية وتأثيرها المستمر
ارتفع الطلب على الذهب بمعدل 7% سنويًا نتيجة الغموض الجيوسياسي في 2025، حيث اتجهت الصناديق الكبرى للتحوط من مخاطر الأسواق الناشئة وتقلبات إمدادات الطاقة. عندما تصاعدت التوترات حول مضيق تايوان في يوليو، قفزت الأسعار الفورية إلى 3400 دولار، وبمع استمرار عدم اليقين عالميًا، تجاوزت الأسعار 4300 دولار في منتصف أكتوبر.
هذا السلوك التاريخي يثبت أن أي صدمة جيوسياسية جديدة في 2026 قد تدفع الذهب لمستويات قياسية، وهو ما يحتاج المستثمرين لمراقبة دقيقة للأوضاع العالمية.
ضعف الدولار والعوائد الحقيقية
تراجع مؤشر الدولار بنحو 7.64% من ذروته في بداية 2025 حتى 21 نوفمبر، متأثرًا بتوقعات خفض الفائدة وتباطؤ النمو. في الوقت ذاته، انخفضت عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات من 4.6% في الربع الأول إلى 4.07% في نهاية نوفمبر.
هذا التراجع المزدوج ساهم في تعزيز الطلب المؤسسي على الذهب، حيث يسعى المستثمرون لتحقيق توازن في محافظهم بعيدًا عن الأصول الدولارية. يرى محللو القطاع أن استمرار هذا الاتجاه قد يدعم توقعات أسعار الذهب في 2026، خاصة مع استقرار العوائد الحقيقية قرب 1.2%، وهو ما قد يضع المعدن في مسار صعودي مستدام.
توقعات المحللين الكبار لـ 2026
تجمع توقعات البنوك والمؤسسات المالية الكبرى على مستويات طموحة للعام المقبل:
HSBC يتوقع أن يندفع الذهب نحو 5000 دولار للأوقية في النصف الأول من 2026، مع متوسط سنوي 4600 دولار، مقابل 3455 دولار متوسط 2025.
بنك أوف أمريكا رفع توقعاته إلى 5000 دولار كذروة محتملة، مع متوسط 4400 دولار، لكنه نبّه لاحتمالية تصحيح قصير الأجل إذا بدأ جني الأرباح.
غولدمان ساكس عدّلت توقعها ليصل إلى 4900 دولار للأوقية، مشيرة إلى تدفقات أقوى للصناديق المتداولة واستمرار شراء البنوك المركزية.
جيه بي مورغان يتوقع وصول الذهب إلى 5055 دولارًا بحلول منتصف 2026.
النطاق الأكثر شيوعًا بين المحللين يمتد بين 4800 و5000 دولار كذروة، ومتوسط يتراوح بين 4200 و4800 دولار.
توقعات الأسعار في منطقة الشرق الأوسط
شهدت المنطقة زيادة ملحوظة في احتياطيات الذهب، حيث أضاف البنك المركزي المصري طنًا واحدًا والبنك القطري 3 أطنان في الربع الأول من 2025.
بناءً على التوقعات العالمية:
في مصر، قد يصل سعر الذهب إلى حوالي 522,580 جنيهًا مصريًا للأوقية، بزيادة 158.46% مقارنة بالأسعار الحالية
في السعودية، قد يقترب من 18750 إلى 19000 ريال سعودي للأوقية (في حال تحقق مستوى 5000 دولار)
في الإمارات، قد يصل إلى حوالي 18375 إلى 19000 درهم إماراتي للأوقية
مع التذكير بأن هذه التوقعات تقريبية وتعتمد على استقرار أسعار الصرف واستمرار الطلب العالمي.
المخاطر: متى قد يحدث التصحيح؟
رغم الإيجابية، أشار HSBC إلى احتمالية تصحيح نحو 4200 دولار في النصف الثاني من 2026 إذا لجأ المستثمرون لجني الأرباح، لكنه استبعد انخفاضًا دون 3800 دولار ما لم تحدث صدمة اقتصادية كبرى.
حذّرت غولدمان ساكس من أن الأسعار فوق 4800 دولار قد تشهد “اختبار مصداقية سعرية”، أي اختبار قدرة الذهب على الحفاظ على المستويات العالية وسط ضعف الطلب الصناعي.
غير أن محللي جيه بي مورغان ودويتشه بنك أجمعوا على أن المعدن دخل منطقة سعرية جديدة يصعب كسرها نزولًا، بفضل تحول استراتيجي في نظرة المستثمرين طويلة الأجل.
التحليل الفني: الصورة الحالية
أغلق الذهب تعاملات 21 نوفمبر 2025 عند 4065 دولارًا للأوقية، بعدما لامس ذروته عند 4381 دولارًا في 20 أكتوبر. كسر السعر خط القناة الصاعدة على الإطار اليومي لكنه يتمسك بخط الاتجاه الصاعد الرئيسي الذي يربط القيعان حول 4050 دولار.
يُظهر السعر دعمًا قويًا عند 4000 دولار، وأول مقاومات عند 4200 دولار ثم 4400 و4680 دولار. مؤشر القوة النسبية (RSI) يستقر عند المستوى 50 مما يشير لحياد تام في السوق بتساوي الضغوط البيعية والشرائية، بينما يؤكد MACD أن الاتجاه العام ما زال صاعديًا.
ترجح التوقعات الفنية استمرار التداول داخل نطاق عرضي بين 4000 و4220 دولارًا على المدى القريب، مع بقاء الصورة إيجابية طالما ظل السعر فوق خط الاتجاه الرئيسي.
الخلاصة والنظرة المستقبلية
توقعات أسعار الذهب في 2026 تشير إلى مستقبل إيجابي للمعدن النفيس، خاصة مع اقتراب نهاية دورة التشديق النقدي ودخول الاقتصاد العالمي مرحلة تباطؤ. قد يشهد السوق صراعًا بين جني الأرباح وموجات شراء جديدة من المؤسسات والبنوك المركزية.
إذا استمرت العوائد الحقيقية في التراجع وبقي الدولار ضعيفًا، فالذهب مرشح لتسجيل قمم تاريخية جديدة قد تقترب من 5000 دولار. أما في حال تراجع التضخم بشكل حاد وعودة الثقة للأسواق، فقد يدخل المعدن مرحلة استقرار طويلة الأجل قد تحول دون تحقيق هذه المستويات الطموحة.
المستثمرون يتابعون بدقة الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، حيث تحتفظ أسعار الذهب بحساسيتها العالية تجاه أي تطورات على الساحة الدولية.
Ver original
Esta página pode conter conteúdo de terceiros, que é fornecido apenas para fins informativos (não para representações/garantias) e não deve ser considerada como um endosso de suas opiniões pela Gate nem como aconselhamento financeiro ou profissional. Consulte a Isenção de responsabilidade para obter detalhes.
Os metais preciosos a caminho de 2026.. Será que vão ultrapassar a barreira dos cinco mil dólares?
شهد العام الجاري 2025 مسارًا صعوديًا قياسيًا للمعدن الأصفر، إذ لامس حاجز 4300 دولار للأوقية في أكتوبر قبل أن يعود للانكماش نحو 4000 دولار مع دخول الخريف، لكن هذا التذبذب لم يُضعف آفاق المعدن بقدر ما أثار نقاشًا محتدمًا حول إمكانية اقتحام مستوى 5000 دولار خلال النصف الأول من 2026. هذا الزخم الصعودي المستمر يعكس تحولًا جوهريًا في نظرة المستثمرين العالميين تجاه الذهب، حيث لم يعد يُنظر إليه كأداة مضاربة عابرة، بل كملجأ استراتيجي في عالم مليء بالتقلبات والمخاطر.
العوامل الاقتصادية الكبرى والطلب المتنامي
بلغ متوسط سعر الذهب في 2025 حوالي 3455 دولار للأوقية، ويعود الفضل في هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى تصاعد الطلب الاستثماري، الذي وصل إلى مستويات قياسية لم تُسجل منذ سنوات. أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن إجمالي الطلب في الربع الثاني وحده بلغ 1249 طنًا، بزيادة 3% سنويًا، فيما ارتفعت القيمة الإجمالية إلى 132 مليار دولار بقفزة 45%.
صناديق الذهب المتداولة في البورصة شهدت تدفقات رأسمالية ضخمة، حيث ارتفعت الأصول المُدارة إلى 472 مليار دولار والحيازات إلى 3838 طن، بما يقترب من الذروة التاريخية عند 3929 طن. هذا التوافد المؤسسي يعكس تحولًا في خريطة الاستثمارات، خاصة مع دخول نحو 28% من المستثمرين الجدد في الأسواق المتقدمة الذهب لأول مرة في محافظهم الاستثمارية.
ضيق العرض وارتفاع التكاليف الإنتاجية
على الجانب الآخر، لم يواكب الإنتاج الفعلي هذا الطلب المتصاعد. وصلت إنتاجية المناجم في الربع الأول من 2025 إلى 856 طنًا بزيادة طفيفة 1% فقط على أساس سنوي، الأمر الذي عمّق فجوة العرض والطلب، خاصة مع تراجع الذهب المعاد تدويره بنسبة 1%، حيث فضّل الحاملون الاحتفاظ بممتلكاتهم توقعًا لمزيد من الارتفاع.
تضاف إلى هذا التحديات التشغيلية الصعبة التي تواجه قطاع التعدين العالمي، فقد ارتفع متوسط تكلفة الاستخراج إلى نحو 1470 دولارًا للأوقية بحسب تقرير فيتش سوليوشنز، وهو أعلى مستوى منذ عقد كامل، مما يعني أن التوسع في الإنتاج سيظل محدودًا ومكلفًا، وهذا يدعم احتمالية استمرار الصعود السعري في 2026.
البنوك المركزية: المشتري الاستراتيجي الأكبر
يمثل شراء البنوك المركزية العامل الأساسي الذي يدعم أسعار الذهب بشكل مستمر. أضافت هذه البنوك 244 طنًا خلال الربع الأول من 2025 وحده، بزيادة 24% عن المتوسط الفصلي للسنوات الخمس السابقة. ما هو أكثر أهمية أن 44% من البنوك المركزية العالمية تدير الآن احتياطيات ذهبية، مقارنة بـ 37% قبل عام، وهو مؤشر على توجه عالمي متزايد نحو تنويع الأصول الاحتياطية بعيدًا عن الدولار.
قادت الصين وتركيا والهند هذا الاتجاه، حيث أضاف بنك الشعب الصيني وحده 65 طنًا وواصل هذا الشراء للشهر الثاني والعشرين على التوالي، بينما ارتفعت احتياطيات تركيا إلى 600 طن. يتوقع المحللون أن تبقى هذه المشتريات المركزية الدافع الأساسي للطلب حتى نهاية 2026، خاصة في الأسواق الناشئة التي تسعى لحماية عملاتها المحلية.
السياسات النقدية والفائدة الأمريكية
خفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر 2025 ليصل إلى النطاق 3.75-4.00%، وهو الخفض الثاني منذ ديسمبر 2024. يشير التوجيه المرافق إلى احتمالية تخفيضات إضافية إذا ضعفت سوق العمل أو تباطأ النمو الاقتصادي.
تسعّر الأسواق حاليًا خفضًا جديدًا بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر 2025، وهو ما يعني ثلاث خفضات كاملة منذ بداية العام. توقعات بلاك روك تشير إلى أن الفيدرالي قد يستهدف معدل فائدة 3.4% بحلول نهاية 2026 في السيناريو المعتدل، وهذا التراجع في الفائدة الحقيقية يُقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في الذهب الذي لا يدرّ عوائد، مما يعزز جاذبيته.
الديون السيادية والضغوط التضخمية المستمرة
تجاوز الدين العام العالمي حاجز 100% من الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لصندوق النقد الدولي، وهو ما أثار مخاوف عميقة حول استدامة السياسات المالية، وبالتالي دفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن يحمي من تآكل القوة الشرائية. قدّر البنك الدولي في تحليله أن ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 35% خلال 2025 قد يشهد تراجعًا في 2026 مع انحسار الضغوط التضخمية، إلا أن الأسعار ستبقى مرتفعة تاريخيًا.
أظهرت بيانات بلومبرغ إيكونوميكس أن نحو 42% من صناديق التحوط الكبرى عزّزت مراكزها في الذهب خلال الربع الثالث من 2025، مما يعكس اعترافًا واسعًا بدور المعدن في حماية المحافظ من المخاطر المالية طويلة الأمد.
التوترات الجيوسياسية وتأثيرها المستمر
ارتفع الطلب على الذهب بمعدل 7% سنويًا نتيجة الغموض الجيوسياسي في 2025، حيث اتجهت الصناديق الكبرى للتحوط من مخاطر الأسواق الناشئة وتقلبات إمدادات الطاقة. عندما تصاعدت التوترات حول مضيق تايوان في يوليو، قفزت الأسعار الفورية إلى 3400 دولار، وبمع استمرار عدم اليقين عالميًا، تجاوزت الأسعار 4300 دولار في منتصف أكتوبر.
هذا السلوك التاريخي يثبت أن أي صدمة جيوسياسية جديدة في 2026 قد تدفع الذهب لمستويات قياسية، وهو ما يحتاج المستثمرين لمراقبة دقيقة للأوضاع العالمية.
ضعف الدولار والعوائد الحقيقية
تراجع مؤشر الدولار بنحو 7.64% من ذروته في بداية 2025 حتى 21 نوفمبر، متأثرًا بتوقعات خفض الفائدة وتباطؤ النمو. في الوقت ذاته، انخفضت عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات من 4.6% في الربع الأول إلى 4.07% في نهاية نوفمبر.
هذا التراجع المزدوج ساهم في تعزيز الطلب المؤسسي على الذهب، حيث يسعى المستثمرون لتحقيق توازن في محافظهم بعيدًا عن الأصول الدولارية. يرى محللو القطاع أن استمرار هذا الاتجاه قد يدعم توقعات أسعار الذهب في 2026، خاصة مع استقرار العوائد الحقيقية قرب 1.2%، وهو ما قد يضع المعدن في مسار صعودي مستدام.
توقعات المحللين الكبار لـ 2026
تجمع توقعات البنوك والمؤسسات المالية الكبرى على مستويات طموحة للعام المقبل:
HSBC يتوقع أن يندفع الذهب نحو 5000 دولار للأوقية في النصف الأول من 2026، مع متوسط سنوي 4600 دولار، مقابل 3455 دولار متوسط 2025.
بنك أوف أمريكا رفع توقعاته إلى 5000 دولار كذروة محتملة، مع متوسط 4400 دولار، لكنه نبّه لاحتمالية تصحيح قصير الأجل إذا بدأ جني الأرباح.
غولدمان ساكس عدّلت توقعها ليصل إلى 4900 دولار للأوقية، مشيرة إلى تدفقات أقوى للصناديق المتداولة واستمرار شراء البنوك المركزية.
جيه بي مورغان يتوقع وصول الذهب إلى 5055 دولارًا بحلول منتصف 2026.
النطاق الأكثر شيوعًا بين المحللين يمتد بين 4800 و5000 دولار كذروة، ومتوسط يتراوح بين 4200 و4800 دولار.
توقعات الأسعار في منطقة الشرق الأوسط
شهدت المنطقة زيادة ملحوظة في احتياطيات الذهب، حيث أضاف البنك المركزي المصري طنًا واحدًا والبنك القطري 3 أطنان في الربع الأول من 2025.
بناءً على التوقعات العالمية:
مع التذكير بأن هذه التوقعات تقريبية وتعتمد على استقرار أسعار الصرف واستمرار الطلب العالمي.
المخاطر: متى قد يحدث التصحيح؟
رغم الإيجابية، أشار HSBC إلى احتمالية تصحيح نحو 4200 دولار في النصف الثاني من 2026 إذا لجأ المستثمرون لجني الأرباح، لكنه استبعد انخفاضًا دون 3800 دولار ما لم تحدث صدمة اقتصادية كبرى.
حذّرت غولدمان ساكس من أن الأسعار فوق 4800 دولار قد تشهد “اختبار مصداقية سعرية”، أي اختبار قدرة الذهب على الحفاظ على المستويات العالية وسط ضعف الطلب الصناعي.
غير أن محللي جيه بي مورغان ودويتشه بنك أجمعوا على أن المعدن دخل منطقة سعرية جديدة يصعب كسرها نزولًا، بفضل تحول استراتيجي في نظرة المستثمرين طويلة الأجل.
التحليل الفني: الصورة الحالية
أغلق الذهب تعاملات 21 نوفمبر 2025 عند 4065 دولارًا للأوقية، بعدما لامس ذروته عند 4381 دولارًا في 20 أكتوبر. كسر السعر خط القناة الصاعدة على الإطار اليومي لكنه يتمسك بخط الاتجاه الصاعد الرئيسي الذي يربط القيعان حول 4050 دولار.
يُظهر السعر دعمًا قويًا عند 4000 دولار، وأول مقاومات عند 4200 دولار ثم 4400 و4680 دولار. مؤشر القوة النسبية (RSI) يستقر عند المستوى 50 مما يشير لحياد تام في السوق بتساوي الضغوط البيعية والشرائية، بينما يؤكد MACD أن الاتجاه العام ما زال صاعديًا.
ترجح التوقعات الفنية استمرار التداول داخل نطاق عرضي بين 4000 و4220 دولارًا على المدى القريب، مع بقاء الصورة إيجابية طالما ظل السعر فوق خط الاتجاه الرئيسي.
الخلاصة والنظرة المستقبلية
توقعات أسعار الذهب في 2026 تشير إلى مستقبل إيجابي للمعدن النفيس، خاصة مع اقتراب نهاية دورة التشديق النقدي ودخول الاقتصاد العالمي مرحلة تباطؤ. قد يشهد السوق صراعًا بين جني الأرباح وموجات شراء جديدة من المؤسسات والبنوك المركزية.
إذا استمرت العوائد الحقيقية في التراجع وبقي الدولار ضعيفًا، فالذهب مرشح لتسجيل قمم تاريخية جديدة قد تقترب من 5000 دولار. أما في حال تراجع التضخم بشكل حاد وعودة الثقة للأسواق، فقد يدخل المعدن مرحلة استقرار طويلة الأجل قد تحول دون تحقيق هذه المستويات الطموحة.
المستثمرون يتابعون بدقة الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، حيث تحتفظ أسعار الذهب بحساسيتها العالية تجاه أي تطورات على الساحة الدولية.